الفايروسات وسلوكها الحركي في النبات
بعد دخول الفايروس الى الخلية الأولى ، او إلى مجموعة الخلايا الأولى التي استوطنها في بدء اصابته للنبات العائل ، فان اول نشاط يقوم به هو التضاعف داخلها ، ويبدأ هذا النشاط بعد نصف الساعة الأولى من الدخول ، وبذلك تنتج الأفراد الأبوية آلافا إن لم يكن ملايين من الأفراد الجديدة (الذرية) والتي تتجمع في الخلايا الأولى المصابة. لتبدأ بعدها المرحلة الثانية الحاسمة من الإصابة والتي ستقرر هل أن الفايروس سيتمكن من الوصول الى خلايا أنسجة النبات المتخصص عليها ويحقق الاصابة الكاملة، أو أنه سيفشل في اختراق حدود ساحة معركته الأولى ويُحْجَر في مجموعة الخلايا الأولى التي أصابها.
إن نجح الفايروس في اختراق هذه المنطقة ووصل الى خلايا جديدة فهو فايروس ناجح ربح معركته مع النبات والأخير خاسر. وإن فشل في الانتشار وانكمش في الخلايا الأولى التي نجح في الدخول اليها ، فهو فايروس فاشل خسر معركته مع النبات والأخير ناجح.
وعادة ما تبنى استراتيجية مقاومة النباتات للفايروسات على هذا المبدأ وهو منع حركة الفايروس من  الخلايا الأولى المصابة الى بقية أجزاء النبات.
الفايروس الفاشل الذي بقي في هذه الخلايا ولم يتقدم الى خلايا جديدة يكون قد تحرك من خلية لأخرى عبر البلازموديزماتا Plasmodesmata وهي الروابط السيتوبلازمية التي تصل خلية بأخرى، ثم توقفت حركته. وما نشاهده من أعراض على أوراق النبات نتيجة نشاطه هي بقع صغيرة منتظمة عادة قد تكون ميتة وتسمى البقع الموضعية الميتة Necrotic local lesions ، او تكون بقعا مصفرة تسمى البقع الموضعية المصفرة Chlorotic local lesions او بقعا حلقية Ring spots يكون مركزها مغايرا في اللون لمحيطها، (أنظر الشكل)، وكل هذه الأعراض لا تشكل خطورة تذكر على النبات المصاب، وإذا ما رأيتها على أي نبات فأعلم أن نباتك هذا مقاوم للفايروس الذي دخله وأنه ربح معركته معه إن لم تصاحب هذه الأعراض أية أعراض جهازية. 
هذه قصة الفايروس الفاشل الذي لم ينجح الا بتحقيق حركة عبر خلايا محدودة العدد ، وتسمى حركته هذه "الحركة البطيئة".
أما قصة الفايروس الناجح الذي يستوطن عائله فهي مختلفة تماما ، باستثناء المرحلة الأولى التي تعقب تضاعفه وتكوين الذرية إذ تتماثل تقريبا مع الفايروس الفاشل حيث تبدأ جسيمات الفايروس بالحركة عبر البلازموديزماتا Plasmodesmata الى خلايا جديدة ، وهذه الحركة معقدة تحكمها وتيسرها أنواع من البروتينات الفايروسية المتخصصة تسمى بروتينات الحركة Movement proteins وظيفتها نقل الجسيمات الفايروسية عبر البلازموديزماتا الضيقة وإيصالها الى خلايا جديدة بغية الوصول الى التفرعات الأدنى للأوعية الناقلة وغالبا ما تكون أوعية اللحاء  Phloem  (ندرة من الفايروسات تستعمل أوعية الخشب Xylem) ، وبذلك يكون الفايروس قد أنهى المرحلة الأولى من حركته ، وهي الحركة البطيئة، ليبدأ رحلته الثانية الأخطر وهي انتقاله السريع المنتشر عبر أوعية اللحاء التي تغذي كل أنسجة النبات مما يهيأ له فرصة الوصول السريع الى كل الأنسجة التي يريدها محمولا مع الغذاء. ويلاحظ نوع من السلوك الحركي الغريب الذي تمارسه الفايروسات عند حركته السريعة في اللحاء ، حيث ينطلق أولا من موقع الإصابة الى قمة النبات الخضرية خلال أيام قلائل ثم يهبط الى الجذور ثم يتوزع بعدها في اجزاء النبات. بعد اكمال الفايروس لحركته السريعة عبر اللحاء (ونادرا عبر الخشب)، يبدأ بالتحرك ثانية من أوعية اللحاء وتحديدا من الأفرع الضيقة المتاخمة للخلايا الى الخلايا المستهدفة ، اي يعود ثانية ليمارس حركته البطيئة وعندها يكون الفايروس قد حقق الإصابة الجهازية والتي تعني نجاحه في اصابة النبات العائل وأن الأخير سيعاني من اعراض المرض، وكل ذلك لا يحتاج من الفايروس الناجح إلا اياما قلائل ويصل الى كل الأماكن التي يريد الوصول اليها في النبات العائل.
  
تعليقات
إرسال تعليق